في التاسعة عشرة من عمرها، كانت دنيا زاد تبحث عن الأماكن الفقيرة في الجزائر وتسافر إليها لتعلم الصغار اللغة الإنكليزية والكتابة والقراءة. وكانت جولاتها التطوعية تستمر بين 10 إلى 15 يوماً، تجوب خلالها مختلف مناطق الجزائر بمفردها، لتعزيز وعي الأطفال ودفعهم للاستمتاع بالحياة والبحث عن مكامن الفرح فيها من خلال التعليم بأسلوب ترفيهي بسيط وممتع.
وعلى الرغم من أن التنقل المستمر للعائلات بين المناطق بسبب ظروف العمل أو سواها قد يؤثر سلباً في نشأة الأطفال، إلا أنه كان سبباً في تغيير حياة الطفلة الجزائرية دنيا زاد التي عرفت أن العالم فيه عدد كبير من الناس المحرومين والذين يحتاجون للمساعدة والتعلم والتواصل والدعم، فقررت التطوع لتقديم يد المساعدة للمحتاجين داخل الجزائر وخارجها وهي في عمر 17 عاما فقط.
يقول والد دنيا إن التنقل بين المناطق الجزائرية زاد من ثقافة ابنته الحياتية، ودفعها لاستكشاف أمور كانت لتبدو محبطة للأطفال في سنّها. لكن دنيا استغلت وقت فراغها بالتطوع في مجالات عدة، على رأسها تعليم اللغات، فدنيا تتقن العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والإندونيسية والتركية.
انتقلت دنيا زاد إلى تركيا وبعدها إندونيسيا لاستكمال دراستها الجامعية العليا؛ إلا أن ذلك لم يمنعها من خدمة المجتمع. هناك اكتشفت آفاقاً أخرى للتطوع، فساهمت بنشر وإحياء اللغة العربية وتعليم الإنكليزية في العديد من مناطق إندونيسيا النائية والجزر المعزولة في المالديف، كجزيرة رانالهي.
تحلم دنيا أن تمتد جولاتها ورحلاتها التطوعية لتشمل مناطق أخرى في العالم، وتشارك الفقراء والمحتاجين في المناطق النائية علمها ومعارفها، وتساهم في منح الأمل لأولئك الذين قست عليهم ظروف الحياة.
دنيا آثرت العمل كمترجمة، كلما تسنّى لها ذلك، ملتحقةً بالوفود والبعثات التي تزور الجزائر بهدف تحصيل بعض المال لقاء أعمال الترجمة التي تقوم بها، كي تتمكن من السفر حول العالم وتمويل رحلاتها الخاصة بتعليم الأطفال والترفيه عنهم.
واجه مشروع دنيا زاد التطوعي الكثير من المعارضة من محيطها، لكونها فتاة وصغيرة في السن، إلا أنها تقول إن الإنسان لا يمكن أن يعيش دون هدف في حياته، وهدفها نشر العلم لغير المقتدرين على التحصيل العلمي.
لم يقتصر نشاط دنيا زاد على السفر ونشر اللغات التي تتقنها فقط، بل شاركت في العديد من حملات التوعية والتطعيم وتوزيع وجبات الطعام والملبس في مخيمات اللاجئين بالتعاون مع المنظمات الدولية. كما استغلت موهبتها في الكتابة والتأليف الأدبي لنشر رسائل الأمل بين القراء في بلادها.
لطالما طلب منها والداها التركيز على دراستها الجامعية وتكريس كل وقتها لتحصيلها العلمي، لكن شغف دنيا وإصرارها وإيمانها بما تقوم به يدفعها للسفر، حتى وإن أبدى الأهل قلقاً عليها، متطوعةً في المناطق النائية والبلدان الفقيرة حول العالم، غير مكترثة بالتكلفة أو ظروف المعيشة أو المخاطر الجسدية والصحية التي قد تلحق بها، هدفها الأول والأخير نشر الأمل وسط أشدّ الناس حاجة إليه.
اصنع أملاً... اصنع فرقا