في إحدى الأمسيات، وبينما كان الشاب اللبناني جورج غفري عائداً إلى بيته، التقى بأحد زملاء الدراسة الذي بدا يائساً بسبب عدم قدرة المجتمع على تقبل توبته من الإدمان على المخدرات بعدما قضى فترة عقوبته في السجن وأنهى مراحل علاجه من الإدمان.
لم يفارق كلام هذا الشاب مخيلة جورج لأيام وليالٍ، لا بل بات محفزاً له على ابتكار حلول تجمع بين شغفه بالبيئة والفن وقضايا المجتمع، فما كان منه إلا أن أسس مع أربعة من زملائه مشروع "شريك" في يونيو 2013، ليجمع الشباب من أصحاب السوابق العدلية بسبب المخدرات أو بعض الجنح الأخرى، بهدف تدريبهم على صناعة الحرف اليدوية وقطع المفروشات العصرية بأسلوب فني مبتكر عن طريق استخدام الأدوات المنزلية القديمة التي غالباً ما تكون مرمية في صناديق النفايات، وذلك للاستفادة من مواهب وإمكانات هؤلاء الشباب لمساعدتهم على الاندماج في مجتمعهم بعدما أمضوا العقوبات المفروضة عليهم في السجن.
بدأ جورج باختبار فكرته، إذ طلب من أحد الأشخاص تحويل حقيبة سفر قديمة كانت مرمية عند مدخل منزله إلى كنبة عصرية. وكان له ما أراد، من خلال قطعة أثاث فنية لفتت نظر الكثيرين.
ويوما بعد يوم، باتت مبادرة "شريك" تستقبل عشرات الاتصالات من العديد من الباحثين عن عمل ممن لم يتقبل المجتمع توبتهم، وباتت تتشكل معها المئات من التصاميم الإبداعي؛ فكل قطعة نفايات غير قابلة لإعادة التدوير أو التحلل أصبحت قطعة فنية تعود بالربح على مبتكرها وصانعها.
تمكنت "شريك" من تدريب 200 شاب وشابة على الصناعة اليدوية الإبداعية، تم توظيف 50 منهم في مؤسسات مختلفة، وتمت معالجة 200 طن من النفايات وتحويلها إلى تحف فنية.
جورج لم يجمع الشباب المهمش في المجتمع وحسب، ولم يساهم في حماية البيئة فقط، وإنما نشر جمالاً في الكثير من المنازل، وأملاً وحياة لدى عدد كبير من النفوس.
اصنع أملاً... اصنع فرقا