بعدما رزقها الله طفلة، اكتشفت خديجة العلوي، من مدينة أزرو بالمغرب، أن مولودتها مصابة بالشلل الدماغي، وهو نوع من أنواع الإعاقة التي تحدث نتيجة لتلف في مراكز التحكم في الحركة داخل الدماغ في مرحلة النمو، الأمر الذي يؤثر على المصاب ذهنياً ويسبب عجزاً في أجزاء مختلفة من الجسم مرتبطة بأداء الوظائف الحركية، حيث يحتاج الطفل إلى رعاية طبية خاصة.
لم تكن خديجة تعرف أي شيء عن هذا المرض، أو كيفية التعامل معه، كما لم تكن لديها الإمكانيات المادية الكافية للاهتمام بابنتها. ومع ذلك، لم تشأ أن تتخذ موقف المراقب وهي ترى طفلتها شبه عاجزة، فعمدت إلى تثقيف نفسها حول المرض، وقرأت كل ما وقع في يدها عنه.
أدركت خديجة أنها تستطيع أن تقوم بشيء، فبعد ثلاث سنوات من البحث والاستقصاء، ومن خلال إمكانات متواضعة، أسست جمعية متخصصة لاستقبال الأطفال المصابين بالشلل الدماغي. شكّلت الجمعية، التي حملت اسم "وليداتنا"، حبل نجاة للعديد من العائلات التي لديها أطفال يعانون المشكلة ذاتها، فاستغلت خديجة الدعم المجتمعي والمعنوي الذي تلقته لاستقطاب سيدات يشاركنها إدارة الجمعية ورعاية الأطفال بعدما درّبتهن على ذلك.
البداية كانت مع ستة أطفال، ثم ارتفع العدد إلى 28، وهو ما استدعى البحث عن دعم من أفراد أو جهات خيرية، وهو أمر لم يكن متاحاً كفاية أو طول الوقت.
وفي خضم انشغال خديجة بالجمعية والسعي إلى توسيع نطاق خدماتها لتشمل أكبر عدد من المحتاجين من عائلات الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، توفيت ابنتها التي لم تتم عامها السادس. خسارتها كانت فادحة بالتأكيد، ومع ذلك لم تسمح لحزنها على رحيل صغيرتها أن يثنيها عن مواصلة رسالتها الإنسانية.
باتت جمعية "وليداتنا" مفتوحة لكل طفل في المدينة سُدت في وجهه أبواب الأمل والرجاء. في الأثناء، ظلت خديجة تجاهد لتطوير نشاط الجمعية من خلال تضمينها حضانة للأطفال تحت سن 6 سنوات، وقاعة لتنمية مهارات الأطفال فوق 6 سنوات ممن تسمح لهم إعاقتهم بالتواصل، إلى جانب تخصيص حصص أسبوعية للتدريبات الحركية للأطفال تقوم بها معالجة مختصة.
لكن خديجة اضطرت إلى إيقاف عمل الجمعية مؤقتاً، بسبب نقص الحد الأدنى من الدعم المادي، الأمر الذي سبب حزناً كبيراً للأهالي. أمهات كُثُر بكين بحرقة، معبِّرات عن خشيتهن على مستقبل صغارهن، خاصة وأن معظمهن ينحدرن من بيئات فقيرة.
تقول خديجة: "قرأت الإعلان عن مبادرة صنّاع الأمل صدفة، وقلت في نفسي لعل هذه هي الفرصة التي نبحث عنها كطوق نجاة لإنقاذ الجمعية".. فهل يطرق الأمل باب خديجة؟ وهل يطرق أيضاً أبواب عشرات الأطفال الذين وجدوا في جمعيتها ملاذاً؟
اصنع أملاً... اصنع فرقا